عرف التحكيم تطوّراً كبيراً في الأنظمة القانونية المقارنة الحديثة، وأصبح يحظى بمكانة مرمُوقة، إذ يُعتبر من بين أهمّ الطُرق التي يُلجأ إليها في حسم النزاعات، تتجلى هذه المكانة أكثر في مجال التجارة الدولية أين يُوصف التحكيم بالطريق العادي، إن لم نقل الوحيد
، الذي يلجأ إليه المتعاملون في هذا المجال ويفضلونه على سلك طريق القضاء الرسمي أو الطرق البديلة الأخرى، لما يحقّقه من مزايا وما يوفّره من حلول فعّالة لمواجهة الإشكاليات العويصة التي تطرحُها المعاملات التجارية الدولية، خاصة في ظلّ العولمة التي عرفها الاقتصاد العالمي.
على غرار الأنظمة القانونية الحديثة، عرف النظام القانوني الجزائري تطوّراً ملحوظاً في مجال تنظيم التحكيم التجاري الدولي، فبعدما رفضت الجزائر الخضوع له طيلة ما يقارب 30 سنة، وذلك من خلال نصّ المادة 442 من قانون الإجراءات المدنية الملغى
، غيّرت من موقفها ورضخت للضغط المزدوج الذي فُرض عليها؛ الأزمة الاقتصادية من جهة والضغط الأجنبي من جهة أخرى.