Description
يأتي هذا المؤلف تكملة لما تم إعداده سابقا في مؤلفين منفصلين الأول: تحت عنوان « علم الإجرام » طبعة 2021 والثاني: تحت عنوان « علم العقاب » طبعة 2022، وهذا بعد تحيينهما وإثرائهما بمجموعة من المحاضرات تماشيا والتعديلات التي طرأت على قانون العقوبات بموجب القانون رقم: 24-06 المؤرخ في 28 أفريل سنة 2024.
بالنسبة لعلم الإجرام وبمناسبة ظهور صور جديدة من الجرائم في المجتمع الجزائري، كان لزاما على المختصين ورجال القانون والممارسين في المجال القضائي والأمني ولدى الطالب الجامعي معرفة الظاهرة الإجرامية، وهذا من كل النواحي الاجتماعية والنفسية والسياسية والاقتصادية المؤدية لها من أجل البحث عن مسبباتها وفي نفس الوقت الوصول إلى أفضل السبل لمحاربتها، بحيث لا يمكن محاربتها دون معرفة الأسباب المؤدية لها، أين نجد بعض هذه الجرائم التي أدرجها المشرع في التعديل الجديد لقانون العقوبات أضحت تشكل خطرا كبيرا وتهديدا حقيقيا على المجتمع الجزائر، مثل جرائم الإهانة والتعدي على رجال القوة العمومية ومقرات المصالح الأمنية، الجرائم المتعلقة بالتجهيزات الحساسة، أعمال السحر والشعوذة، والجرائم الماسة بالإستثمار.
وعليه، قمنا من خلال الجزء الأول من هذا المؤلف بإعطاء فكرة عامة عن علم الاجرام عبر دراسة تطوره ومضمونه وموضوعاته، بعدها تم التطرق إلى علاقته بالعلوم والقوانين الجنائية المتصلة به، لأنها في النهاية تشكل وحدة يجب تعاملها مع بعض من أجل توحيد رؤية السياسية الجزائية للدولة وإنجاحها، محددا في نفس الوقت أساليب البحث في علم الاجرام ليتم معالجة الاتجاهات الفردية في تفسير الظاهرة الاجرامية إلى جانب الاتجاهات التكاملية، وصولا إلى تحديد الأسباب الداخلية والخارجية للسلوك الإجرامي.
أما بالنسبة لعلم العقاب، وبعد إدخال المشرع الجزائري مجموعة من التعديلات على قانون العقوبات كان لزاما علينا مواكبة هذا التعديل وذلك بإدراج موضوعات أخرى، خاصة ما يتعلق بعقوبة العمل للنفع العام التي جاءت إستجابة لمتطلبات السياسة العقابية الحديثة لمحاربة الجريمة وإصلاح الجناة، محددين إطارها العام المتمثل في شروط وكيفيات تطبيقها، التوسع من دائرة الأشخاص المستفيدين منها والتوسع من دائرة الأشخاص المعنوية التي تستقبل المحكوم عليهم بهذه العقوبة، كالجمعيات ذات النشاط الذي يخدم الصالح العام إلى جانب الجماعات المحلية أو أحد المرافق العمومية.
هذا إلى جانب الاهتمام بالعقوبات البديلة من خلال نظام المراقبة الإلكترونية كعقوبة بديلة عن العقوبة السالبة للحرية خاصة قصيرة المدة منها، بعدما اعتبرت سابقا كنظام لتكييف العقوبة داخل المؤسسات العقابية خلال مرحلة التنفيذ العقابي، التي نص عليها القانون رقم 05-04 المؤرخ في 6 فبراير سنة 2005 المتمم بالقانون رقم 18-01 المؤرخ في 30 يناير سنة 2018 المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، أين كان يقررها قاضي تطبيق العقوبات في إطار لجنة تطبيق العقوبات، إذ جعلها من خلال هذا التعديل لقانون العقوبات عقوبة بديلة يمكن من خلالها للجهات القضائية أن تستبدل عقوبة الحبس المنطوق بها بوضع المحكوم عليه تحت المراقبة الالكترونية وفقا لشروط حددها القانون.
كما جاء الاهتمام بالضحية، وذلك بالتوسع في العقوبات التكميلية أين جعل المنع من الاتصال بهذه الأخيرة كتدبير لحمايتها، وذلك بمنع المحكوم عليه بالاتصال بها أو الاقتراب من مكان تواجدها أو التواصل معها بأي وسيلة لمدة لا تتجاوز 03 سنوات ابتداء من تاريخ تطبيق العقوبة المحكوم بها عليه أو من تاريخ صدور الحكم القضائي إذا كانت العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها موقوفة التنفيذ، أو غرامة فقط مع عقوبة بديلة.
لذا ارتأينا تقسيم هذا المؤلف إلى قسمين، أين خصصنا القسم الأول لعلم الإجرام والقسم الثاني لعلم العقاب، آملين من الله عز وجل التوفيق في بسط المفاهيم العامة لهما، وتوصيل المعلومة إلى كل مهتم بالجريمة والعقاب والإصلاح العقابي كما نأمل أن يكون إضافة للمكتبة الجزائرية.